بقلم رشا حسين إبراهيم
رغم قسوة الحرب ووطأتها الثقيلة فإن مقتضيات السلام تفرض نفسها كحتمية لا مناص منها وعلى رأسها إعادة إعمار ما دمرته الحرب، هذا الإعمار لا يتحقق بالأماني بل يتطلب رؤية واضحة وإرادة فاعلة وتكاملا حقيقيا بين الحكومة والمجتمع عبر مبادرات شعبية ومؤسسات رسمية تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها.ومحلية شيكان – رمز الصمود والتحدي – تقدم اليوم درسا بليغا في كيفية مجابهة تداعيات الحرب بعزيمة راسخة، لأن المحلية التي سطرت مواقف بطولية في حرب الكرامة وظلت صامدة في وجه انتهاكات المليشيا المتمردة ومتمسكة بدورها المحوري دون أن تتراجع أو تغيب حتى في أشد فترات الحرب.تحية تقدير مستحقة لمواطني شيكان الذين حافظوا على رباطة جأشهم وظلوا سندا لحكومتهم في المحلية التي أدّت مهامها بمهنية وحرص رغم انقطاع الموارد وضيق الحال. واليوم يتجه الجميع صوب مرحلة الإعمار التي لا تحتمل التباطؤ وتتطلب جهودا متناسقة تبدأ من التبشير الإعلامي الاستباقي وتصل إلى إشراك المجتمع بمختلف مكوناته في عملية البناء والتأهيل.إن مشروع الإعمار في شيكان لم يعد فكرة مؤجلة بل انطلق فعليا من خلال تنفيذ برنامج السقيا وعمليات النظافة الواسعة التي شملت القطاعات السكنية والمؤسسات بمدينة الأبيض. كما شملت الجهود إزالة التصدعات وردم الحفر خاصة في مناطق الهشاشة ومواقف المواصلات إلى جانب معالجة البنى التحتية التي تضررت جراء الحرب.هذه الجهود لم تكن حكومية فحسب بل جاءت في إطار شراكة متكاملة مع منظمات أممية ومبادرات مجتمعية كان لها دور فاعل في دعم الأنشطة المجتمعية كالتكايا، والختان الجماعي، والمخيمات العلاجية، وكسوة الشتاء، وبرامج الإيواء وغيرها من الاستجابات الإنسانية التي فرضتها ظروف الحرب.إن ما يحدث اليوم في شيكان من حراك إعمار وتفاعل مجتمعي يعكس وعيا ناضجا بأهمية التكاتف في مرحلة ما بعد الحرب ولعلها فرصة سانحة لتطوير نموذج تنموي متكامل يقوم على إرادة لا تلين وحكومة حاضرة ومجتمع لا يعرف المستحيل